هل يمكننا تحقيق الاستقلالية للجميع؟

صورة صورة صورة أيقونة

يمكننا، بل ويجب علينا، تحقيق الاستقلالية الجسدية للجميع. تتمثل الخطوة الأولى في توضيح المفهوم نفسه وتأكيده. فهناك كثير من النساء والفتيات لا يُدركن أن لهنّ الحق في اتخاذ قرارات بشأن أجسادهن ومستقبلهن.

تعلمت أنني في الواقع أستطيع السيطرة على جسدي، جسدي ملك لي وحدي.

التعليم عامل أساسي

التعليم عامل أساسي, فالنساء اللاتي حصلن على مستوى تعليمٍ أعلى أقرب من غيرهن إلى اتخاذ قرارات حرة بخصوص وسائل تنظيم الأسرة والرعاية الصحية، وإلى امتلاك القدرة على رفض ممارسة العلاقة الحميمة . إن التربية الجنسية الشاملة - أي المعلومات الدقيقة والملائمة للعُمر حول الصحة الإنجابية للفرد - أمر بالغ الأهمية أيضاً. فهو يساعد في منع الحمل غير المقصود والأمراض المنقولة جنسياً، وأيضا يُعِد الأفراد للدفاع عن أنفسهم.

التعليم عامل أساسي

التعليم عامل أساسي, فالنساء اللاتي حصلن على مستوى تعليمٍ أعلى أقرب من غيرهن إلى اتخاذ قرارات حرة بخصوص وسائل تنظيم الأسرة والرعاية الصحية، وإلى امتلاك القدرة على رفض ممارسة العلاقة الحميمة . إن التربية الجنسية الشاملة - أي المعلومات الدقيقة والملائمة للعُمر حول الصحة الإنجابية للفرد - أمر بالغ الأهمية أيضاً. فهو يساعد في منع الحمل غير المقصود والأمراض المنقولة جنسياً، وأيضا يُعِد الأفراد للدفاع عن أنفسهم.

مقدمو الخدمات الصحية

يلعب مقدمو الخدمات الصحية دورا حاسما في دعم الاستقلالية الجسدية وتأكيدها لكل مَن يلتمسون الرعاية والحصول على معلومات. ويجب أن يكون المرضى من النساء والفتيات على دراية بحقوقهن، كما يجب الحصول على موافقتهن المستنيرة. ويمكن للمبادئ التوجيهية الطبية والتدريبات على المتطلبات القانونية والتدريبات الخاصة بمراعاة الفوارق بين الجنسين أن تساعد مقدمي الرعاية الصحية في دعم الاستقلالية الجسدية للمرضى من النساء.

الأعراف الاجتماعية

يجب أيضاً أن تصبح الأعراف الاجتماعية أكثر إنصافاً بين الجنسين. فالارتقاء بفُرص النساء وسبل كسب عيشهن وبأدوارهن القيادية في مجتمعهن الصغير وخارجه من شأنه أن يزيد قدرتهن على اتخاذ القرارات داخل أسرهن وبخصوص أجسادهن. بيد أن إحراز التقدم في هذا الشأن متوقف بالأساس على استعداد الرجال للتخلي عن الهيمنة المطلقة التي تسبغ على سلطتهم وخياراتهم ميزةً على حساب سلطة المرأة وخياراتها.

الأعراف الاجتماعية

يجب أيضاً أن تصبح الأعراف الاجتماعية أكثر إنصافاً بين الجنسين. فالارتقاء بفُرص النساء وسبل كسب عيشهن وبأدوارهن القيادية في مجتمعهن الصغير وخارجه من شأنه أن يزيد قدرتهن على اتخاذ القرارات داخل أسرهن وبخصوص أجسادهن. بيد أن إحراز التقدم في هذا الشأن متوقف بالأساس على استعداد الرجال للتخلي عن الهيمنة المطلقة التي تسبغ على سلطتهم وخياراتهم ميزةً على حساب سلطة المرأة وخياراتها.

القوانين

إنّ القوانين لها تأثير كبير على حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين والصحة الجنسية والإنجابية. ويجب أن تتواءم مع مبادئ حقوق الإنسان والتزاماتها المتفق عليها عالمياً، ومراجعتها من أجل استجابة تراعي النوع الاجتماعي. ويجب أن يكون القضاء والشرطة على دراية بهذه القوانين والمبادئ.

وأخيراً، فإنّ معرفة الروابط بين الأشكال المختلفة للاستقلالية الجسدية يُمكن أن تحفز الناشطين - بدءاً من العاملين في مجال حقوق الأقليات والفئات المهمشة بما في ذلك، ذوي الإعاقة وحقوق المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسية وحاملي صفات الجنسين وحقوق المجتمعات الأصلية - للعمل معاً نحو رؤية موحدة لاحترام والكرامة وحق تقرير المصير.

تحقيقات صحفية

  1. Thumbnail Rebeka Artim
  2. Thumbnail Rebeka Artim
  3. Thumbnail Hülya Özdemir
  4. Thumbnail Kaisei Nanke
  5. Thumbnail Rebeka Artim
  6. Thumbnail Kaisei Nanke
  7. Thumbnail Kaisei Nanke
إغلاق

ممارسة الجنس كمهنة

تدافع ليانا عن حقوق المشتغلات بالجنس في إندونيسيا.
العمل الفني الأصلي بواسطة نعومي فونا؛ الصورة مقدمة كمجاملة من ليانا.

أوضحت ليانا من خلال مترجمة في إندونيسيا أن "علمي بأن لي رأياً وبأنني أسيطر على جسدي لم يأت إلا بعد اشتغالي بالجنس."

لكن ليانا باتت اليوم معتادة على تحطم الآمال؛ فهي جامعية من الطبقة المتوسطة وسبق لها العمل بوظيفة محاسِبة، ولا ينطبق عليها التصور السائد عن المشتغلات بالجنس؛ إذ تقول: "توفي زوجي عندما كان رضيعي في شهره الرابع." لم يكن دخلها كافياً، وكانت تجارة عائلتها مترنحة، فيما كانت أختها تواجه مصاعب مالية.

تقول: "زرت أحد الأماكن المرخصة للاشتغال بالجنس، وطلبت العمل لديه،" مؤكدة أن ذلك كان باختيارها، مضيفة: "فعلت ذلك باختياري ودونما إجبار."

أما اليوم فقد أصبحت ليانا المنسق الوطني لمؤسسة ، وهي شبكة تدعم المشتغلات بالجنس بالخدمات الصحية وبالمساعدة القانونية وبالمناصرة. كما تحظى مؤسسة OPSI بالدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان. هنا توضح ليانا مدى "التباين بين ظروف الاشتغال بالجنس، إذ يوجد مشتغلون ذكور بالجنس، وآخرون من مغايري الجنس، فيما تختلف أسباب الاشتغال بالجنس من شخص لآخر. لكن معظمهم يسعون إلى مصدر دخل."

أصبحت مونيكا، في مقدونيا الشمالية، مشتغلة بالجنس بعد فقدان وظيفتها وطلاقها، وتؤكد هي الأخرى أن قرارها كان بمحض اختيارها، فتقول: "كنت أبلغ من العُمر 19 أو 20 عاماً. كنت على مستوى كافٍ من الوعي والنضج للتفكير فيما أريد وما لا أريد." واليوم، تعمل مونيكا منسقةً إقليميةً لمؤسسة "سْتار" (STAR) التي تعد أول تعاونية للمشتغلين بالجنس في منطقة البلقان، وهي أحد شركاء صندوق الأمم المتحدة للسكان، وتقول مونيكا إنها فهمت أن هذا هو المجرى الطبيعي للأمور: "أنا محاطة في غالب الأحيان بمشتغلات بالجنس انخرطن في هذا المجال باختيارهن.

ومع ذلك، تتفق ليانا ومونيكا على أن الاتجار بالجنس -أي: الاستغلال الجنسي بطريق القوة أو الإكراه أو الاحتيال أو الخداع- يعد مبعث قلق خطير في مجال الاشتغال بالجنس. وتتعاون مؤسستا ليانا ومونيكا تعاوناً وثيقاً مع الناجيات، وتساعدهن في تأمين الخدمات والخروج من عالم الاشتغال بالجنس إن اخترن ذلك.

غير أن شيوع الاستغلال والانتهاك قد أخذ الكلام باتجاه الوضع القانوني للاشتغال بالجنس، ذلك بأن المطالبين بترخيصه والرافضين له يسوقون حاجة الأشخاص إلى الحماية من الانتهاكات.

وإلى جانب من يعارضون الترخيص نجد أن فكرة الرضا في صناعة الجنس محفوفة بالمخاطر في حد ذاتها. بل إن الدراسات توضح أن كثيراً من المقبلين على الاشتغال بالجنس قد مروا بمكامن ضعف كثيرة؛ ومن ذلك الفقر والاستغلال في مرحلة الطفولة، واضطراب الأسرة، ومعوقات تحول دون مباشرة نشاطٍ اقتصادي نظامي، بما في ذلك الافتقار إلى التعليم (ماكارثي وآخرون، 2014). ويُنظر إلى هذه الظروف على أنها تقوّض رضاهم الحُر القائم عن عِلم. علاوة على ذلك، هناك نسبة هامّة من المشتغلين بالجنس (تقدر بما بين 20 و40 في المائة) تفيد باشتغالها بالجنس منذ الطفولة (بارسيسيبي وآخرون، 2016)، وتلك مخالفة صريحة لحقوق الإنسان.

تصدت وثائق حقوق الإنسان لكل مكامن الضعف تلك، فاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة تدعو إلى أن "تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة، بما في ذلك التشريع، لمكافحة جميع أشكال الاتجار بالمرأة واستغلال دعارة المرأة". كما أن بروتوكولات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية تشمل "تقديم أو تلقي مدفوعات أو مزايا لتحقيق رضا شخص مسيطر على آخر بغرض الاستغلال"، وذلك ضمن تعريف الاتجار بالأشخاص.

لكن كثيراً من أنصار المشتغلين بالجنس يرون أن التركيز على مكامن الضعف يحرم هؤلاء المشتغلين من السلامة والاستقلال الذاتي فعلياً، وهنا نتذكر أن ليانا ومونيكا قد اختارتا بمحض إرادتيهما مواصلة الاشتغال بالجنس حتى بعد تلقيهن دخلا لائقا من خارج تجارة الجنس.

لذا تقول ليانا: "من فضلكم لا تفترضوا أن كل المشتغلات بالجنس هنّ ضحايا للاتجار، فمنهنّ من اخترن هذا العمل بمحض إرادتهنّ مثلي. ولا أحد يخدعنا أو يستغلنا. وعندما نسأل أعضاء مؤسسة OPSI عما إذا كانوا يريدون التوقف عن الاشتغال بالجنس إذا وجدن وظائف أخرى فمعظمهن يجبن بالرفض." وتعلل ذلك بقولها إن الوظائف الأخرى المتاحة للمشتغلين بالجنس هي وظائف منخفضة الأجر في الغالب، في حين أن الاشتغال بالجنس يمتاز بالمرونة التي تُعد محل تفضيل ورغبة. وتضيف قائلة: "يمكن للمشتغلات بالجنس إدارة أوقاتهن، والوفاء بالتزاماتهن في المجتمع، بل والشعور بقربٍ أكثر إلى أطفالهن."

تجرّم معظم البلدان الاشتغال بالجنس أو ببعض جوانبه (مثل تيسيره)، وذلك حسب الشبكة العالمية لمشاريع الاشتغال بالجنس. تجد ليانا ومونيكا أن تلك القوانين تدفع المهنة وأهلها إلى التخفي، وبذلك يعسر على المشتغلات بالجنس تمييز العملاء العنيفين واستبعادهم. كما تؤكدان أن التجريم يترك المشتغلات بالجنس عرضة للاعتقال والخوف من الإبلاغ عن المنتهكين والمستغلين. بل إن مونيكا تؤكد إقدام بعض عناصر الشرطة على التحرش بالمشتغلات بالجنس واستغلالهن، "وذلك لأنهم يعلمون أنّ الاشتغال بالجنس غير قانوني ويعتقدون أنه يصعب علينا الإبلاغ عن تلك المخالفات وأنّ لا حيلة في هذا الصدد."

إنهم يريدون إنفاذ التجريم والمقاضاة على مرتكبي العنف الجنسي والاستغلال الجنسي، لا على الاشتغال بالجنس. لذا تقول ليانا: العنف ليس مجرد مشكلة في أوساط المشتغلات بالجنس، بل هو مشكلة عند كل النساء وجميع فئات الأقليات."

تعززت جهود التحرك تحو ترخيص الاشتغال بالجنس في الأعوام القليلة الماضية في أروقة الأمم المتحدة، بالتوازي مع دعم كثير من الوكالات والبرامج لذلك مثل منظمة الصحة العالمية وبرنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية/متلازمة نقص المناعة المكتسبة (الإيدز)؛ وذلك باعتبار الترخيص المذكور وسيلة فعالة لمنع انتقال العدوى بالفيروس وللقضاء على التمييز ضد الفئات المعرّضة للخطر (منظمة الصحة العالمية، 2014؛ برنامج الأمم المتحدة المذكور، 2012).

وفي الوقت ذاته، تسعى الأمم المتحدة إلى تعزيز الجهود الرامية إلى القضاء على الاستغلال والانتهاك الجنسيين؛ فمباعث القلق المتعلقة بدخول القائمين على حفظ السلام والعمل الإنساني في علاقات استغلالية مع المشتغلات بالجنس والأفراد المهمشين والمعرضين للخطر قد دعت المؤسسة إلى التشدد في إنفاذ قواعد تحظر على منسوبيها تبادل الأموال أو السلع أو الخدمات نظير الجنس، حتى في البلدان التي تجيز قوانينها الاشتغال بالجنس. وعلى ذلك، فإن المواقف المستندة إلى أن الترخيص سيسهم في حماية صحة المشتغلين بالجنس وحقوقهم، إلى جانب فرض عدم شراء الخدمات الجنسية على الموظفين حتى لو كان ذلك قانونياً؛ إنما هي مواقف متناقضة كما يراها مسؤولو الأمم المتحدة.

تقرر إيفا بولكارت، منسقة جهود صندوق الأمم المتحدة للسكان لمنع الاستغلال والانتهاك الجنسيين، أنه "يجب على موظفي الأمم المتحدة ألا يشاركوا في أي نشاط من شأنه الإفضاء إلى استغلال جنسي. وهذا ليس حكماً صادراً على الاشتغال الطوعي بالجنس من جانب بالغين راضين واعين، لكن يجب علينا الإقرار بحقيقة أنّ شرعية العمل وحدها لا تضمن أنّ المشاركة في الاشتغال بالجنس هي مشاركة طوعية."

تتفق مونيكا وليانا أن المشروعية وحدها ليست كافية، إذ تريان أن الترخيص يجب أن يواكبه إزالة الوصم. وسيظل اضطرار المشتغلين بالجنس إلى العمل في الظلام قائماً، مقترناً بانتهاكات لا تبارح الظلام أيضاً؛ وذلك لحين إبداء الاحترام والكرامة للمشتغلين بالجنس شأنهم في ذلك شأن عامة المواطنين. لذا تقول مونيكا: "نحن أولياء أمور. نحن أبناء أناس عاديين. نحن أسر عادية. ولا داعي أن يعاملنا أي شخص معاملةً مختلفة عن الآخرين بسبب اختيارنا هذه المهنة. فالاشتغال بالجنس هو عملٌ أيضاً."

نستخدم ملفات تعريف الارتباط والمعرفات الأخرى للمساعدة في تحسين تجربتك عبر الإنترنت. باستخدام موقعنا الإلكتروني توافق على ذلك، راجع سياسة ملفات تعريف الارتباط الخاصة بنا.

X