لا يمكن تحقيق المساواة بين الجنسين بدون مشاركة الرجال والفتيان. يتخذ التغيير مجراه ببطء، بينما يعمل الرجال بجانب النساء على نحوٍ متزايد دعماً للمساواة بين الجنسين ولتمكين النساء والفتيات. واليوم، أصبح هناك إدراكا واسعا بأنّ تحسين وضع النساء وتعزيز حقوقهن يحقق ثماراً تعود على المجتمع بأسره، لا على النساء والفتيات فحسب. كما أن تحقيق الوصول إلى خدمات الصحة الجنسية والإنجابية والحماية من العنف القائم على النوع الاجتماعي - إلى غير ذلك من التدابير المهمة - من شأنه تحسين صحة الأسر والرفاه الاقتصادي للمجتمعات المحلية بأسرها. يتعاون صندوق الأمم المتحدة للسكان مع الرجال والفتيان حول أنحاء العالم لتعزيز المساواة بين الجنسين والقضاء على العنف. وفي تلك البرامج تشجيع للرجال والفتيان على التخلي عن القوالب النمطية الضارة، واتخاذ علاقات صحية قائمة على الاحترام، ودعم حقوق الإنسان لكل البشر في كل مكان.

Topic summary

الشراكات ضرورة

تقتضي المساواة بين الجنسين الشراكة بين النساء والرجال. لكن الرجال كثيراً ما يمارسون السلطة على جوانب كثيرة من حياة النساء - بوصفهم رؤساء دول ووزراء حكوميين وقيادات بمؤسسات دينية وعقائدية، وقضاة، ورؤساء مؤسسات عسكرية وميليشيات، وقيادات قروية، وحتى بوصفهم أزواجاً وآباء.

كذلك فإن الرجال هم من يتحكمون في العادة في المعلومات والخدمات والتمويلات الخاصة بالصحة الجنسية والإنجابية؛ وما يتصل بها من وسائل النقل والموارد الأخرى. ويغلب أيضاً أن يكون الرجال أصحاب القرار في العلاقات الحميمة، وتوقيت النشاط الجنسي ومعدل تكراره، واستخدام وسائل منع الحمل من عدمه. حتى إن بعض الرجال يفرضون تلك الاختيارات بالإكراه أو بالعنف.

في الوقت نفسه، فإن الشباب والفتيان هم شركاء وأعضاء المجتمعات وقياداتها في المستقبل. بالتالي فإن التواصل معهم عبر البرامج التي تدعم الاتجاهات والسلوكيات التي تعزز المساواة بين الجنسين يصبح أمراً محورياً في ضمان أن يأتي المستقبل خالياً من التمييز القائم على النوع الاجتماعي.

رجال يناصرون حقوق الفتيات في وقفة احتجاجية في ليبريا. © مكتبة الصور الفوتوغرافية للأمم المتحدة/إيمانويل توبي

تعاظم الاهتمام بالمساواة بين الجنسين

تتجلى الحاجة إلى إشراك الرجال في الجهود المبذولة، إذا أريد للمساواة بين الجنسين أن تتحقق ولبرامج الصحة الإنجابية أن تنجح. تُظهر البحوث أيضاً أن الرجال يريدون المشاركة، وأن كثيرين منهم يرحبون بفكرة وجود علاقات تحقق الرضا عند الطرفين وتُبنى على الثقة والتواصل. ويوضح العمل الميداني لصندوق الأمم المتحدة للسكان أيضاً أن القيادات من الرجال قادرة على التحلي بصفات الحلفاء المهمين فيما يخص التصدي لمشاكل الصحة الإنجابية، بداية من وفيات الأمهات والمواليد إلى العنف ضد النساء. وتشير الدلائل أيضاً إلى أن الشباب أكثر ترحيباً بزيادة مساحة المساواة مقارنة بنظرائهم الأكبر سناً. 

إدراكاً لتلك الغاية، تسعى برامج صندوق الأمم المتحدة للسكان إلى زيادة مشاركة الرجال والفتيان في المبادرات الجديدة التي تعزز المساواة بين الجنسين وتمكين النساء. لذا تهدف تلك البرامج إلي زيادة وعي الرجال بأنفسهم بوصفهم شركاء يتحلون بالمسؤولية، يقدمون الرعاية، ويمتنعون عن العنف. كما تعي تلك البرامج مدى التنوع في احتياجات الرجال بمجال الصحة الجنسية والإنجابية، بما فيهم الشباب والفئات المحرومة اقتصادياً أو فئات النازحين.

التصدي لجذور المشكلة

تدرك البرامج الفعالة أيضاً أن الأدوار والعلاقات بين الجنسين متشابكة مع الظروف الثقافية والدينية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية. وتستند تلك الظروف إلى فكرة مفادها أنّ تلك العلاقات ليست ثابتة وأنها يمكن تغييرها.  

الأفكار المتعلقة بالرجولة متجذرة للغاية. فمنذ سن مبكرة قد يتشكل الفتيان وفق أدوار اجتماعية حددها المجتمع لجنسهم، تُبقي على سطوة الرجل وتحكُّمه. ويعتاد الكثيرون منهم على الاعتقاد بأن السلوك المهيمن تجاه الفتيات والنساء يعد جزءاً من رجولتهم.

وغالباً ما تجد السلوكيات الجنسية المغامِرَة والعدوانية من جانب الشباب الذكور ترحيباً من نظرائهم، فيما يغضّ المجتمع الطرف عنها على مستوى ما. تُسفر تلك القوالب النمطية عن الإضرار بالنساء والرجال، وتستأصل آفاق بناء علاقات مُرضية قائمة على الاحترام المتبادل. ويمكن تشجيع الفتيان والشباب على التفكير في المسائل المتعلقة بالذكورة والعلاقات والحياة الجنسية ومناقشتها بما يساهم في القضاء على الاتجاهات والسلوكيات عالية الخطورة والضارة أحياناً.

جهود صندوق الأمم المتحدة للسكان

تؤكد مشاريع كثيرة مدعومة من صندوق الأمم المتحدة للسكان على دور الرجال في الصحة الإنجابية. فهناك مشاريع متنوعة تستهدف فئات مختلفة من الرجال (من الجنود إلى القيادات الدينية) لتحقيق أهداف مختلفة، منها الوقاية من فيروس نقص المناعة البشري وزيادة مشاركة الذكور في حياة الأسرة. على سبيل المثال، يتعاون صندوق الأمم المتحدة للسكان مع المراهقين الذكور والشباب لإعادة النظر في القوالب النمطية القائمة حيال الذكورة والسلوكيات المغامِرة (لا سيما السلوك الجنسي المغامِر) ولتعزيز فهمهم لحقوق النساء ودعم المساواة بين الجنسين.

كما يشتبك صندوق الأمم المتحدة للسكان مع الرجال والفتيان في قضية العنف القائم على النوع الاجتماعي. في عام 2017، على سبيل المثال، عمل صندوق الأمم المتحدة للسكان على إشراك الرجال والفتيان في إسواتيني بشأن منع العنف ضد النساء والفتيات. وبالمثل، حرص صندوق الأمم المتحدة للسكان في مصر على إشراك القيادات الدينية في تلك القضايا، أما في صربيا وكمبوديا فقد تعاون صندوق الأمم المتحدة للسكان هناك مع منظمات المجتمع المدني بغية إشراك المراهقين في تحطيم القوالب النمطية الضارة والقيم المؤذية، والوقاية من العنف.  

كذلك تعمل مكاتب صندوق الأمم المتحدة للسكان في أنحاء العالم - شاملة مكاتب إندونيسيا وقيرغيزستان وأوكرانيا- من أجل إشراك الرجال في دعم الصحة والحقوق الجنسية والإنجابية، بما في ذلك مبادرات الأمومة الآمنة، وتنظيم الأسرة، والوقاية من فيروس نقص المناعة البشري. كما تعاون صندوق الأمم المتحدة للسكان على مدار عقود مع القطاع العسكري للتواصل مع أعداد ضخمة من الرجال لتقديم المعلومات والتوعية والخدمات بشأن الحياة الأسرية وتنظيم الأسرة.

آخر تحديث في 10 أيار/مايو 2018.