أخبار

حقوق النساء والفتيات خسائر غير مرئية للأزمة في سوريا

امرأة تحمل طفل.
تقول خديجة، وهي امرأة سورية تبلغ من العمر 28 عاماً من دير الزور: "إنّها أسوأ تجارب حياتنا، حتى بعد 10 سنوات من الأزمة في سوريا". نجت خديجة مؤخرًا من تجربة مروّعة حيث ولدت طفلها السادس أثناء فرارها من العنف في مسقط رأسها © صندوق الأمم المتحدة للسكان في سوريا
  • 10 مايو 2022

حلب، سوريا/الأمم المتحدة، بروكسل - تقول شابة من حلب لصندوق الأمم المتحدة للسكان: "سرعان ما أصبحت الحياة بعد الحرب سجنًا مفتوحًا. فقد طُلب منا عدم مغادرة منازلنا خوفًا من التحرّش والاغتصاب والخطف. قيل لي أن زواج الأطفال هو الطريق الوحيد إلى الأمان الحقيقي".

بسبب أكثر من عقد من النزاع الطاحن، والنزوح الجماعي، والدمار الاقتصادي، وموجات الجفاف، والجائحة المستمرة، تتفاقم الاحتياجات الإنسانية الكارثية في سوريا. وتحتاج حوالي 7.3 مليون امرأة وفتاة إلى خدمات الصحة الجنسية والإنجابية الضرورية وإلى الدعم المرتبط بالتعرض للعنف القائم على النوع الاجتماعي، حيث تتعاظم أوجه الهشاشة إزاء التعرض لأشكال متعددة من العنف الجسدي والجنسي وزواج الأطفال.

عاملة الرعاية الصحية تساعد المريضة.
فريق صحي متنقل مدعوم من صندوق الأمم المتحدة للسكان يجري زيارات منتظمة لتقديم خدمات الصحة الجنسية والإنجابية للنساء والفتيات في المناطق المتضررة من النزاع في جميع أنحاء سوريا. © صندوق الأمم المتحدة للسكان في سوريا

يُبلغ العديد من النساء والفتيات عن انتشار حالات الاعتداء وعدم التصدي لها، حيث أصبحت واقعًا طبيعيًا في الحياة اليومية. وبالنسبة إلى البعض، فإن هذا هو كل ما سمعوا به. وتوضح شذى، وهي فتاة مراهقة من القامشلي في شمال شرق سوريا: "أصبح العنف ضد النساء والفتيات شائعًا جدًا بعد الأزمة. وتعاني العديد من النساء في عائلتي ولا يستطِعن إيجاد الدعم المناسب. أرى المزيد من النساء يتعرضن للضرب مِن قِبل الرجال في أسرهنّ، وأحيانًا في الأماكن العامة".

في عام 2022، يُقدّر بأن 26.5 مليون شخص في حاجة بسبب الأزمة: منهم 14.6 مليون شخص داخل سوريا ونحو 12 مليون شخص في جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك 5.6 مليون لاجئ سوري وأعضاء المجتمع المضيف. وتؤثر الأزمة بشكل خاص على النساء والفتيات. إذ يُعطّل النقص الحادّ في التمويل واستمرار الأعمال القتالية ونقص الوقود تقديم الخدمات الأساسية وهو ما يؤثر بشكل مباشر على صحتهن وسلامتهن وحياتهن.

وفي الوقت نفسه، يشير برنامج الأغذية العالمي لمنظمة الأمم المتحدة أن تكلفة المواد الغذائية الأساسية مثل الأرز والخبز وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ بدء التسجيل، ويمكن أن ترتفع أكثر بسبب الحرب في أوكرانيا. ويعيش تسعة من كل عشرة أشخاص في سوريا الآن تحت خط الفقر، وعند ندرة الغذاء، غالبًا ما تكون النساء والفتيات آخر وأقل من يأكل، الأمر الذي يؤدّي إلى مستويات مقلقة من سوء التغذية بين الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات. 

الآثار تستفحل مع تناقص الموارد

في 9 و10 أيار/مايو، عقد الاتحاد الأوروبي مؤتمره السادس في بروكسل بشأن سوريا، وهو المؤتمر الرئيسي لإعلان التبرعات للبلاد والمنطقة في عام 2022. وفي حين يتحوّل الانتباه السياسي إلى نزاعات جديدة تتكشّف حول العالم، فإن الملايين من السوريين في الأزمة معرضون لخطر النسيان.

يقول دكتور لؤي شبانة، المدير الإقليمي لصندوق الأمم المتحدة للسكان للدول العربية: "إنّ الوضع الآن أسوأ من أي وقت مضى بالنسبة إلى النساء والفتيات، ويجب علينا أن نعزز الجهود وأن نعمل معًا حرصًا على حماية حقوق النساء والفتيات في الولادة الآمنة والعيش دون عنف، وأن يكون بمقدورهن المشاركة الفعالة في إيجاد طريق مستدام للمضي قدمًا".

تشير تقديرات اليونيسف إلى أنّ أكثر من 3 ملايين طفل من سوريا لم يعودوا ملتحقين بالمدارس، الأمر الذي يجعلهم أكثر عُرضة لخطر الزواج القَسْري وعمالة الأطفال. ويعني ذلك أن جيلًا بأكمله قد يفقد مستقبله التعليمي، ومعه أي فرصة للانضمام بنجاح إلى القوى العاملة كبالغين. ويبدو الوضع أسوأ في مخيمات النازحين وغيرها من المستوطنات، إذ أن أكثر من نصف الأطفال غير ملتحقين بالمدارس.

أم وأطفالها الثلاثة يبتسمون لالتقاط صورة عائلية.
أخبرت أيوش صندوق الأمم المتحدة للسكان إنها عادةً ما تقضي أيامها في العمل في الحقل بدءًا من الفجر قبل العودة إلى المنزل لرعاية أطفالها. وقالت إنها ممتنة لعيادة الصحة الإنجابية المدعومة من صندوق الأمم المتحدة للسكان في قريتها عران في ريف حلب، حيث اعتني طاقم طبي مدرب بها وبأطفالها. © صندوق الأمم المتحدة للسكان في سوريا

تبلغ بتول 12 عامًا من عمرها، وانتقلت مؤخرًا مع عائلتها من سوريا إلى تركيا، حيث تمكّنت من الذهاب إلى مركز للشباب يدعمه صندوق الأمم المتحدة للسكان. ووصفت الدعم الذي تلقته هناك بأنه غيّر حياتها، وتقول: "أنا لا أريد الزواج. أريد أن أتعلّم، وقد ساعد المركز في تحقيق ذلك". بدأت بتول أيضًا في الحصول على الدعم النفسي الاجتماعي في المركز للاستجابة لضغوط عائلتها للزواج. وتقول: "تحدثت مع الطبيبة النفسية وشرحت وضعي. ونصحوني بشأن كيفية التحدث مع عائلتي، واتبعت نصائحهم. وأنا في المدرسة الآن وأتمنى أن أذهب إلى الجامعة لاحقًا".

امرأة تحمل طفلها حديث الولادة.
امرأة سورية ووليدها ينتظران في طابور في مدينة حلب في شمال البلاد لتلقي حقيبة الكرامة التي يقدمها صندوق الأمم المتحدة للسكان وتحتوي على  لوازم الصحة والنظافة. © صندوق الأمم المتحدة للسكان في سوريا

في جميع أنحاء المنطقة، يدعم صندوق الأمم المتحدة للسكان 79 مساحة آمنة للنساء والفتيات، و15 مركزًا للشباب، و26 مرفق لرعاية التوليد في حالات الطوارئ، و119 مركزًا للرعاية الصحية الأولية و94 عيادة متنقلة. وما زال صندوق الأمم المتحدة للسكان وشركاؤه ملتزمين بتوفير خدمات منقذة لأرواح النساء والفتيات في سوريا وفي المخيمات والمجتمعات المضيفة في جميع أنحاء المنطقة.

صندوق الأمم المتحدة للسكان يحث على زيادة الاستجابة في سوريا

لا يستطيع ما يقدر بنحو 70 في المئة من السكان تلبية احتياجاتهم الأساسية، ومع ذلك ففي نهاية عام 2021، لم يزد تمويل الاستجابة الإنسانية لسوريا عن 50 في المئة - وهو أدنى مستوى له في ست سنوات. ويناشد صندوق الأمم المتحدة للسكان جمع 145.2 مليون دولار أمريكي في عام 2022 لمواصلة عمله المنقذ للحياة داخل سوريا والبلدان الخمس المجاورة التي تستضيف غالبية اللاجئين السوريين- مصر والعراق والأردن ولبنان وتركيا.

على مدى السنوات الخمس الماضية، عزز صندوق الأمم المتحدة للسكان استجابته الإقليمية للأزمة، حيث تضاعف عدد الأشخاص المستفيدين من الخدمات منذ بداية الأزمة في عام 2011. وفي عام 2021 وحده، تلقت أكثر من 1.1 مليون امرأة خدمات الصحة الجنسية والإنجابية، وتمّ دعم حوالي 600,000 امرأة بخدمات الاستجابة للعنف القائم على النوع الاجتماعي والحماية منه، بما في ذلك 200,000 فتاة مراهقة. واستفادت حوالي 150,000 امرأة من المساعدة النقدية.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط والمعرفات الأخرى للمساعدة في تحسين تجربتك عبر الإنترنت. باستخدام موقعنا الإلكتروني توافق على ذلك، راجع سياسة ملفات تعريف الارتباط الخاصة بنا.

X